أثر التنشئة الوالدية في تكوين أنماط سلوك الطفل

1753 عدد المشاهدات
0 Likes
0 0

أثر التنشئة الوالدية في تكوين أنماط سلوك الطفل
بقلم: فتحية مرجان
تعتبر التنشئة من أهم العوامل التي يتم من خلالها إكساب الطفل بعض السلوكيات التي تشكل شخصيته في المستقبل وبالذات في السنوات الخمس الأولى حيث تترك أثارا كبيرة في نفسيته
فالطفل في السنوات الأولى من حياته يتعلم الكثير من الخبرات التي تساعده على النمو السليم ، فإذا توافر للطفل جو عائلي مليء بالحب والعطف والطمأنينة وتنمية ثقته بنفسه استطاع أن ينمو نموا سليما وأن يتوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه .
وتعتبر التنشئة الوالدية موضع اهتمام كبير من قبل علماء النفس ، حيث انها تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر في سلوك الإنسان وفي شخصيته ، ولهذا يتضمن مفهوم التنشئة الوالدية العمليات الآتية :
v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء استجابة الوالدين لسلوكه.
v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء أساليب الثواب والعقاب التي يتخذها أحد الوالدين أو كلاهما.
v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء إشراكه في المواقف الاجتماعية التي يتيحها له أحد الوالدين أو كلاهما بهدف تعليمه السلوك الصحيح.
v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء التوجيهات المباشرة واللفظية التي يوجهها له أحدهما أو كلاهما معا بغية توجيهه إلى الأساليب الصحيحة
v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء التعارض والاختلاف في كل من اسلوب الوالدين في تربية الطفل وكيفية معاملته
( كفافي ، علاء الدين :1986:ص 56 )
ويرى اريكسون ( Erikson ) (1963) أن فترة الطفولة الاولى هي فترة الاحساس بالثقة والتغلب على الاحساس بعدم الثقة ، حيث يستمد ثقته بنفسه من خلال علاقته بأمه .
ويرى كون Kohn (1989 ) أن مستوى وعي الأم يعتبر عاملا أساسيا في معاملة الطفل فألأم الواعية تهتم كثيرا بعملية تربية الطفل وذلك من خلال تأكيدها على أهمية الإشباع النفسي والسعادة والانضباط الذاتي للطفل ، في حين أن الام المفتقرة إلى الوعي فهي فقط تهتم بالمسايرة الاجتماعية أو الطاعة
أنماط سلوك الطفل :
· الطفل ذو الشخصية السوية (العادية) :
وهو غالبا الذي ينشىء في أسرة يسودها الجو الديمقراطي ، لدى الوالدين انضباط في التعامل مع الطفل ، يعتمد الوالدين أسلوب التعزيز لمكافأة الطفل عند قيامه بسلوك إيجابي ، كذلك يستخدمان العقاب اللابدني في زجر الطفل عند قيامه بسلوك لا سوي ، وفي الغالب يعززان ثقة الطفل بنفسه ، كما يستكشفان مواطن القوة عند طفلهما فيعملان على تعزيزها .
· الطفل ذو الشخصية القلقة :
يكون سلوك الطفل في هذا النوع في حالة توقع للخوف ، وشعور بعدم الارتياح ، وشعور بالنقص وغالبا ما يكون قلق نتيجة تجربة واقعية ، أو فقدان حب الوالدين ، ويميل الطفل فيها إلى الخيال نتيجة عدم اشباع حاجاته ورغباته ، وبالتالي يلجأ إلى الخيال لتعويض رغباته المكبوتة والتي لم يستطيع واقعيا الحصول عليها . غير أنه يعيش مستقبلا في صراع مع البيئة التي يعيش فيها ،هذا الصراع يجعله أكثر عصبية وقلق وانزعاج وإحباط مما يسبب له سوء توافق كليا أو جزئيا، مع عدم استقرار ونقص في الانتباه .
· الطفل ذو الشخصيةالخائفة :
يتميز الطفل في هذا النوع من السلوك بعدم الثبات ، والتذبذب والتردد ، ومع تقدمه في العمر تتغير مخاوفه لتحل محلها مخاوف أخرى ، فالخوف سلوك مكتسب في الدرجة الاولى من البيئة المحيطة بالطفل ( الأسرة ) ، حيث أظهرت كثير من الدراسات أن شدة مخاوف الطفل ترتبط بنوعية العلاقات المتبادلة بين الطفل وأسرته من جهة وبالمواقف التي يشعر فيها بالتهديد وعدم الأمن والفشل من جهة أخرى ( عبد الفتاح : 1992 )
قد يلجأ الوالدان إلى تخويف الطفل كعقاب ، او كتقليد لسلوك الكبار ،هذا من شأنه أن يبدد طاقته الذهنية في مخاوف وأمور لا جدوى منها ،
فالمخاوف التي اكتسبها الطفل في صغره تظل كامنة ثم تظهر في السنوات المتاخرة وتؤثر سلبيا على شخصيته ، فقد يكون ينشا لديه خوف مرضي أو جبن أوخنوع وبالتالي تكون شخصيته مضطربة مهزوزة.
· الطفل ذو الشخصية العدوانية:
هو الطفل الذي يعيش في بيئة اسرية متسلطة تنمي لدى ابنائها التسلط والتعصب والخوف أو الطاعة العمياء ، هذا النوع من التربية من شأنه أن يغرس أنماطا تسلطيه ، ونزعات عدوانية في سلوك الطفل فيما بعد ، في مراحل حياته لينشئ فيما بعد طفل مساره منحرف ومضاد للمجتمع .
متمركزا حول ذاته ، ومفتقر إلى المشاعر، أقل ذكاء من الاشخاص العادييين .
وفي ضوء ما سبق يمكن القول بأن الأبناء إذا ما حصلوا على معاملة والدية معتدلة تحقق لهم الاستقرار والشعور بالرضا، وإذا ما فشل الآباء في تربية الأبناء فإنهم يشعرون بالنقص، ويسهل انقيادهم لرفاق السوء عندما يكبرون ، مع اضطراب في بناء الشخصية .
المراجع :
1. أحمد الزعبي ، المشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال ، دار الحكمة اليمانية ، 1994 .
2. عبد الفتاح ، يوسف ، بعض مخاوف الأطفال ومفهوم الذات لديهم ،مجلة علم النفس ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1992.
3. كفافي ، علاء الدين ، التنشئة الاجتماعية والامراض النفسية ، القاهرة ، 1989

شارك على الشبكات الاجتماعية

مشاركة الرابط

استخدم الرابط الدائم للمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي

شارك مع صديق

رجاء تسجيل الدخول لإرسال هذا document بالبريد الالكتروني!

تضمين في موقع الويب الخاص بك

اختر الصفحة لتبدأ

أثر التنشئة الوالدية في تكوين أنماط سلوك الطفل

بقلم: فتحية مرجان

تعتبر التنشئة من أهم العوامل التي يتم من خلالها إكساب الطفل بعض السلوكيات التي تشكل شخصيته في المستقبل وبالذات في السنوات الخمس الأولى حيث تترك أثارا كبيرة في نفسيته

فالطفل في السنوات الأولى من حياته يتعلم الكثير من الخبرات التي تساعده على النمو السليم ، فإذا توافر للطفل جو عائلي مليء بالحب والعطف والطمأنينة وتنمية ثقته بنفسه استطاع أن ينمو نموا سليما وأن يتوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه .

وتعتبر التنشئة الوالدية موضع اهتمام كبير من قبل علماء النفس ، حيث انها تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر في سلوك الإنسان وفي شخصيته ، ولهذا يتضمن مفهوم التنشئة الوالدية العمليات الآتية :

v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء استجابة الوالدين لسلوكه.

v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء أساليب الثواب والعقاب التي يتخذها أحد الوالدين أو كلاهما.

v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء إشراكه في المواقف الاجتماعية التي يتيحها له أحد الوالدين أو كلاهما بهدف تعليمه السلوك الصحيح.

v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء التوجيهات المباشرة واللفظية التي يوجهها له أحدهما أو كلاهما معا بغية توجيهه إلى الأساليب الصحيحة

v التأثير الذي يحدث في سلوك الطفل من جراء التعارض والاختلاف في كل من اسلوب الوالدين في تربية الطفل وكيفية معاملته

( كفافي ، علاء الدين :1986:ص 56 )

ويرى اريكسون ( Erikson ) (1963) أن فترة الطفولة الاولى هي فترة الاحساس بالثقة والتغلب على الاحساس بعدم الثقة ، حيث يستمد ثقته بنفسه من خلال علاقته بأمه .

ويرى كون Kohn (1989 ) أن مستوى وعي الأم يعتبر عاملا أساسيا في معاملة الطفل فألأم الواعية تهتم كثيرا بعملية تربية الطفل وذلك من خلال تأكيدها على أهمية الإشباع النفسي والسعادة والانضباط الذاتي للطفل ، في حين أن الام المفتقرة إلى الوعي فهي فقط تهتم بالمسايرة الاجتماعية أو الطاعة

أنماط سلوك الطفل :

· الطفل ذو الشخصية السوية (العادية) :

وهو غالبا الذي ينشىء في أسرة يسودها الجو الديمقراطي ، لدى الوالدين انضباط في التعامل مع الطفل ، يعتمد الوالدين أسلوب التعزيز لمكافأة الطفل عند قيامه بسلوك إيجابي ، كذلك يستخدمان العقاب اللابدني في زجر الطفل عند قيامه بسلوك لا سوي ، وفي الغالب يعززان ثقة الطفل بنفسه ، كما يستكشفان مواطن القوة عند طفلهما فيعملان على تعزيزها .

· الطفل ذو الشخصية القلقة :

يكون سلوك الطفل في هذا النوع في حالة توقع للخوف ، وشعور بعدم الارتياح ، وشعور بالنقص وغالبا ما يكون قلق نتيجة تجربة واقعية ، أو فقدان حب الوالدين ، ويميل الطفل فيها إلى الخيال نتيجة عدم اشباع حاجاته ورغباته ، وبالتالي يلجأ إلى الخيال لتعويض رغباته المكبوتة والتي لم يستطيع واقعيا الحصول عليها . غير أنه يعيش مستقبلا في صراع مع البيئة التي يعيش فيها ،هذا الصراع يجعله أكثر عصبية وقلق وانزعاج وإحباط مما يسبب له سوء توافق كليا أو جزئيا، مع عدم استقرار ونقص في الانتباه .

· الطفل ذو الشخصيةالخائفة :

يتميز الطفل في هذا النوع من السلوك بعدم الثبات ، والتذبذب والتردد ، ومع تقدمه في العمر تتغير مخاوفه لتحل محلها مخاوف أخرى ، فالخوف سلوك مكتسب في الدرجة الاولى من البيئة المحيطة بالطفل ( الأسرة ) ، حيث أظهرت كثير من الدراسات أن شدة مخاوف الطفل ترتبط بنوعية العلاقات المتبادلة بين الطفل وأسرته من جهة وبالمواقف التي يشعر فيها بالتهديد وعدم الأمن والفشل من جهة أخرى ( عبد الفتاح : 1992 )

قد يلجأ الوالدان إلى تخويف الطفل كعقاب ، او كتقليد لسلوك الكبار ،هذا من شأنه أن يبدد طاقته الذهنية في مخاوف وأمور لا جدوى منها ،

فالمخاوف التي اكتسبها الطفل في صغره تظل كامنة ثم تظهر في السنوات المتاخرة وتؤثر سلبيا على شخصيته ، فقد يكون ينشا لديه خوف مرضي أو جبن أوخنوع وبالتالي تكون شخصيته مضطربة مهزوزة.

· الطفل ذو الشخصية العدوانية:

هو الطفل الذي يعيش في بيئة اسرية متسلطة تنمي لدى ابنائها التسلط والتعصب والخوف أو الطاعة العمياء ، هذا النوع من التربية من شأنه أن يغرس أنماطا تسلطيه ، ونزعات عدوانية في سلوك الطفل فيما بعد ، في مراحل حياته لينشئ فيما بعد طفل مساره منحرف ومضاد للمجتمع .

متمركزا حول ذاته ، ومفتقر إلى المشاعر، أقل ذكاء من الاشخاص العادييين .

وفي ضوء ما سبق يمكن القول بأن الأبناء إذا ما حصلوا على معاملة والدية معتدلة تحقق لهم الاستقرار والشعور بالرضا، وإذا ما فشل الآباء في تربية الأبناء فإنهم يشعرون بالنقص، ويسهل انقيادهم لرفاق السوء عندما يكبرون ، مع اضطراب في بناء الشخصية .

المراجع :

1. أحمد الزعبي ، المشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال ، دار الحكمة اليمانية ، 1994 .

2. عبد الفتاح ، يوسف ، بعض مخاوف الأطفال ومفهوم الذات لديهم ،مجلة علم النفس ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1992.

3. كفافي ، علاء الدين ، التنشئة الاجتماعية والامراض النفسية ، القاهرة ، 1989

Views

  • 1753 Total Views
  • 1753 Website Views
  • 0 Embeded Views

Actions

  • 0 Social Shares
  • 0 Likes
  • 0 Dislikes
  • 0 Comments